كيف تطور تسليم الميل الأخير بمنطقة الشرق الأوسط؟

كيف تطور تسليم الميل الأخير بمنطقة الشرق الأوسط؟

أصبح تسليم الميل الأخير (Last-Mile) جزءًا لا يتجزّأ من التغيرات التي تطرأ على الأنشطة التجارية تماشيًا مع التكنولوجيا الحديثة، إذ يتجه المستهلكون بشكل متزايد إلى المتاجر الإلكترونية، فأصبح التنفيذ السريع للطلبات يُعتبر حجر الأساس بالنسبة لتلك المتاجر لتقديم الخدمات التي يحتاجها العملاء، هنا يأتي دور تسليم الميل الأخير، حيث يُعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه شركات التجارة الإلكترونية وشركات الخدمات اللوجستية، وأعلاها تكلفة في سبيل تنفيذ طلبات العملاء بسرعة وكفاءة وموثوقية، وقد تطور هذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الفترة الماضية. 

تسليم الميل الأخير

يطلق مصطلح تسليم الميل الأخير على حركة البضائع من المستودعات أو المخازن إلى وجهة التسليم النهائية، وهي الخطوة الأخيرة في عملية الشحن التي تنتهي بوصول المنتج إلى يد العميل في أسرع وقت وبأقل تكلفة. 

ومن المتوقع أن يرتفع سوق توصيل الميل الأخير بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.9٪ من 2021 إلى 2026. ومن المتوقع أن يصل إلى 66 مليار دولار بحلول عام 2026. 

وأكد تقرير عن التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2022 الصادر عن "CNNB Solutions" أن الشركات التي تفشل في مواكبة الاتجاهات اللوجستية الحديثة، تخاطر بفقدان مكانتها لصالح غيرها من المنافسين، مع تراجع المستهلكين عن التعامل معها. وأشار التقرير إلى أن المستهلكين يتطلعون للحصول على معلومات واضحة عن حالة الطلب ومسار وموعد التوصيل، ويرغب البعض أيضاً بتوصيل شبه فوري، حيث تشكل تجارب العملاء عاملاً حاسماً في تقييم الشركة، والتي ترتبط بشكل وثيق بتصوراتهم عن الخدمة وجودتها. 

حلول للتسليم 

يشكل الازدحام عقبة كبيرة أمام الميل الأخير من عملية التوصيل، فوفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، يمكن أن يؤدي ازدحام المرور في بعض المدن إلى زيادة أوقات التسليم بنسبة تصل إلى 30%. وهذا يؤدي إلى تأخيرات في التسليم، وزيادة التكاليف، وعدم رضا العملاء.

لذلك تلجأ الشركات إلى بدائل مستدامة مثل المركبات الكهربائية والدراجات الهوائية للتعامل مع هذه المشكلة. توفر المركبات الكهربائية العديد من المزايا، بما في ذلك تقليل التلوث البيئي وتكاليف التشغيل المنخفضة. وقد بدأ اعتماد المركبات الكهربائية في الميل الأخير من عملية التوصيل في اكتساب زخم كبير، فمن المتوقع أن ينمو الطلب على المركبات الكهربائية في دولة الإمارات بمعدل 30٪ سنوياً بحلول عام 2030.

سيارة كهربائية وروبوتات

وقد تم الكشف عن سيارة كهربائية ذات عجلتين مصممة لسوق التوصيل في الميل الأخير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تم تصميم Rena Max خصيصًا من قبل شركة التصميم والهندسة Callum لمواجهة تحديات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال ابتكارات هندسية متعددة بدءًا من تبريد البطاريات وإنترنت الأشياء والبرمجيات المتكاملة بالكامل إلى مناطق التخزين والتسليم المخصصة المصممة لتحسين جودة عمليات التسليم من خلال التحكم في درجة الحرارة.

وقال عبد الله أبو شيخ، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة برق "حتى الآن، لم تقم شركات صناعة السيارات ببناء مركبات مخصصة لمنطقتنا. لقد كنا مستهلكين للتقنيات الغربية والصينية التي لا تلبي بطريقة شاملة الاحتياجات والتحديات المحددة في المنطقة، إن الفرص المتاحة في مجال النقل الخفيف هائلة على مستوى العالم، ولكننا نريد أن نقوم بالخطوات الأولى مع المركبات المصممة خصيصًا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد قمنا بتجميع أفضل العقول للقيام بذلك".

ومن الخطوات الهامة لدعم هذا القطاع توقيع شركة كريم وشركة نون ومجموعة ماجد الفطيم اتفاقات مع شركات Kiwibot وNeolix وYandex على التوالي لتطوير حلول القيادة الذاتية، لاستخدام الروبوتات في خدمات توصيل الطعام والبقالة. 

وفي الوقت نفسه في المملكة العربية السعودية، قدمت شركة كويكس الناشئة إلى سوقها المحلية لأول مرة إمكانية التوصيل باستخدام الطائرات المسيَّرة. وحصلت على تمويل بقيمة 3 ملايين ريال سعودي (800 ألف دولار) عبر منصة سكوبير للتمويل الجماعي.  

وحصلت شركة iMile الإماراتية على أحد أكبر التمويلات في عام 2021، حيث حصلت على 40 مليون دولار من شركة بايت دانس الصينية، وتقدم خدمات البريد السريع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك عمليات التسليم عبر الحدود، ويتم استخدام الأموال لتحسين مجموعة التكنولوجيا للشركة وكذلك تسريع توسعها عبر دول مجلس التعاون الخليجي وشمال إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

شركات تعزز توصيل الميل الأخير

هناك شركات تعمل على تعزيز تسليم الميل الأخير بالمنطقة، فقد قامت شركة «دي إتش ال إكسبرس» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باتخاذ مبادرات عدة للاستمرار بخلق طرق مبتكرة تهتم بعمليات توصيل الميل الأخير، وذلك عن طريق تمكين العملاء من التحكم بطرق استلام وتسليم طرود التجارة الإلكترونية بكل سهولة وأريحية.

وبموجب اتفاقية التعاون المشترك مع شركة «فوديل»، أول مزود لشبكات الاستلام والتوصيل (PUDO) في دول مجلس التعاون الخليجي، تقوم الشركة بتسجيل وإدارة حسابات التجار المحليين من جميع أنحاء المنطقة عبر منصة «PUDO» الرقمية المتقدمة، وذلك كمواقع استلام بديلة عن خدمة التوصيل للمنازل، حيث تقوم فوديل بربط شركات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية مع التجار المحليين، مما يسمح للعملاء باختيار الوقت المناسب لاستلام طرودهم من متاجرهم المفضلة، سواءً مقاهي أو محلات السوبر ماركت وحتى متاجر البيع بالتجزئة.

ويحظى عملاء «دي إتش إل» بخيار تحديد نقاط التوصيل لاستلام شحناتهم، ومن شأن تلك الشراكة الاستراتيجية أن تعمل على تعزيز لوجستيات الميل الأخير ومنح عملاء «دي إتش إل إكسبرس» في المنطقة حلول توصيل سريعة وملاءمة وأكثر فعالية من حيث التكلفة. 

وفي مصر نجحت شركة Mylerz المصرية للتوصيل، في جمع تمويل بقيمة 9.6 مليون دولار العام الماضي، حيث تأسست في 2019، وتشغل حاليًا أسطولًا يضم أكثر من 350 عربة صديقة للبيئة و21 مركزًا محليًا لتوزيع وإدارة الطلبات في مواقع استراتيجية في جميع أنحاء مصر.

وحققت الشركة إنجازا بارزا يتمثل في تسليم مليوني طرد خلال عامين من إطلاقها، حيث تسمح تقنية إدارة الخدمات اللوجستية لشركة Mylerz بتسليم منتجات التجارة الإلكترونية للعملاء في مراكز المدن بأسرع ما يمكن و في نفس اليوم.

شبكة من عمليات التوصيل

وأشار لي شيبرد، مدير العمليات اللوجستية لـدى أمازون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أنه يجب أن تشكل التكنولوجيا الحديثة القلب النابض لأي شركة تتطلع إلى إنشاء شبكة من عمليات التوصيل تكون فيها المراحل الأخيرة رفيعة المستوى. ولهذا نجد أن أنظمة التوصيل الأكثر نجاحاً، تعتمد في عملياتها على الذكاء الاصطناعي والخوارزميات التي تخصص كميات الطرود لشركاء التوصيل، ثم تعمل على تحديد مسارات الشاحنات بما يحقق أداء أفضل وتسريع وصول الطرود إلى العملاء. وهو الأمر الذي حرصت عليه أمازون في مركز التوصيل الجديد في أبوظبي، والذي تم تجهيزه بهذا النوع من التكنولوجيا المتقدمة، لتمكين مزيد من العملاء من الاستفادة من خدمات رائعة تلبي توقعاتهم مثل التوصيل الفوري في نفس اليوم والتوصيل في اليوم التالي. 

وأضاف في مقاله له، أن رواد  الأعمال المقبلين على تأسيس مشاريعهم عليهم أن يأخذوا بالاعتبار بعض الأمور التي تشتمل على كثير من الفائدة والعمل بموجبها، وأهمها تقديم كل ما يريده العملاء، في الزمان والمكان والأسلوب الملائم لهم، وتنويع أسطول مركبات التوصيل مع شركاء يعملون معك وشركاء محليين، إذ أن تنويع أسطول مركبات التوصيل يمنحك الفرصة لزيادة سعة توصيل الطرود من دون تحمّل تكاليف ثابتة غير ضرورية، بجانب استخدام الأنظمة الرقمية في العمليات وفي تخطيط مسار الرحلة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد كن اول من يعلق.

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

مقالات مقترحة

عرض المزيد
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري يصدر تحليلاً كاملا عن التجارة الإلكترونية.. تعرف على تفاصيله

مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري يصدر تحليلاً كاملا عن التجارة الإلكترونية.. تعرف على تفاصيله

2024-09-16
ايكوميرس بالعربي
عمرو الخولي في حوار خاص لايكومرس بالعربي: "Flowrista"  تستهدف التواجد في 5 دول بعد النجاح بمصر

عمرو الخولي في حوار خاص لايكومرس بالعربي: "Flowrista" تستهدف التواجد في 5 دول بعد النجاح بمصر

2024-09-01
ايكوميرس بالعربي
10 تحديات تواجه شركات التجارة الإلكترونية وطرق التغلب عليها

10 تحديات تواجه شركات التجارة الإلكترونية وطرق التغلب عليها

2024-08-22
ايكوميرس بالعربي
محمد رياض في تصريح خاص لايكومرس بالعربي: توسع "Jamaykaa" بالسوق السعودي خطوة استراتيجية لخدمة التجار الإلكترونيين

محمد رياض في تصريح خاص لايكومرس بالعربي: توسع "Jamaykaa" بالسوق السعودي خطوة استراتيجية لخدمة التجار الإلكترونيين

2024-08-15
ايكوميرس بالعربي
ثماني استراتيجيات تسويقية للتجارة الإلكترونية خلال موسم العودة إلى المدارس

ثماني استراتيجيات تسويقية للتجارة الإلكترونية خلال موسم العودة إلى المدارس

2024-08-06
ايكوميرس بالعربي
كيف تبني استراتيجية شحن للتجارة الإلكترونية؟

كيف تبني استراتيجية شحن للتجارة الإلكترونية؟

2024-08-05
ايكوميرس بالعربي