منذ تأسيسها في دبي عام 2011، استطاعت منصة نمشي (Namshi) أن تحجز لنفسها مكانة بارزة في مشهد التجارة الإلكترونية بالمنطقة. بدأت الفكرة كمحاولة لتوفير وجهة موحدة لمنتجات الأزياء والموضة عبر الإنترنت، لتتحول خلال سنوات قليلة إلى واحدة من العلامات البارزة في قطاع البيع بالتجزئة الرقمي بدول الخليج.
رحلة التأسيس والتوسع
تأسست نمشي على يد رواد أعمال بارزين، من بينهم حسام عرب وفراز خالد وهشام زرقة، بدعم من مستثمرين مثل Summit Partners الذين ضخوا 13 مليون دولار عام 2013 لدعم التوسع. وفي عام 2017، استحوذت إعمار مولز على 51% من أسهمها مقابل 151 مليون دولار، قبل أن تستحوذ بالكامل عليها لاحقًا. ومع بداية 2023، أعلنت منصة نون (noon.com) استحواذها على نمشي، لتصبح جزءًا من منظومة أوسع في المنطقة، مع الحفاظ على هويتها المستقلة.
النمو والأداء
تخدم نمشي اليوم عملاء في السعودية والإمارات والكويت وعُمان والبحرين وقطر، حيث تمثل السعودية وحدها نحو 70% من إيراداتها. بلغت إيرادات المنصة نحو 1.3 مليار درهم (360 مليون دولار) في 2020، مع قاعدة عملاء تجاوزت 1.2 مليون مستخدم نشط. وتشير بيانات سابقة إلى أن إيراداتها من السوق السعودي قفزت بنسبة 50% خلال سنوات قليلة، ما يعكس ثقة المستهلك المحلي في خدماتها.
نموذج العمل والخدمات
تعتمد نمشي على تقديم تشكيلة واسعة من الماركات العالمية والمحلية في الأزياء، الأحذية، مستحضرات التجميل والإكسسوارات. وتتميز بسياسة التوصيل السريع في الإمارات والسعودية، مع خيارات دفع متعددة تشمل الدفع عند الاستلام، وهو ما يعكس فهمها لخصوصية السوق الخليجي. كما تستثمر في تطوير تطبيقاتها وتجربة المستخدم لجذب فئة الشباب المهتمة بالموضة.
إنجازات ومبادرات
أبرز ما يميز نمشي هو تبنيها لمفهوم الاستدامة؛ فقد أصبحت أول منصة أزياء إلكترونية في المنطقة تنضم إلى تحالف Sustainable Apparel Coalition. كما بدأت استخدام مواد تغليف معاد تدويرها، وتقليل الاعتماد على البلاستيك، إلى جانب إدخال سيارات هجينة في أسطول التوصيل. وعلى المستوى التسويقي، عقدت شراكات مع علامات مثل adidas لحملات تستهدف الشباب وتواكب الهوية المحلية.
التحديات
رغم النجاحات، تواجه نمشي منافسة شرسة من منصات مثل نون وأمازون السعودية. كما أن ضغوط التكاليف المرتفعة في اللوجستيات، وتغير سلوك المستهلك بعد الجائحة، تفرض تحديات إضافية. أما سياسات العروض والخصومات المستمرة، فتمثل سيفًا ذا حدين، إذ تجذب العملاء لكنها قد تؤثر على هوامش الأرباح.
المستقبل
التحاق نمشي بمنظومة نون يمنحها قوة أكبر على صعيد البنية التحتية واللوجستيات، لكنه يثير أيضًا تساؤلات حول كيفية حفاظها على هويتها كعلامة مستقلة. في المقابل، تظل أمامها فرص واعدة للتوسع في أسواق جديدة مثل مصر وشمال أفريقيا، وتطوير منتجاتها الخاصة (Private Labels)، بالإضافة إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة المخزون والتوصيات للعملاء.
قصة نمشي هي انعكاس للتحولات الكبرى في قطاع التجارة الإلكترونية بالمنطقة العربية: من منصة ناشئة في دبي، إلى لاعب إقليمي رئيسي في الأزياء الرقمية، وصولًا إلى الانضمام لمجموعة نون.
لا يوجد تعليقات بعد كن اول من يعلق.
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.