دول المنطقة تستعد لطفرة التجارة الإلكترونية بالمستودعات اللوجستية

ينمو قطاع التجارة الإلكترونية بشكل كبير، إذ وصل إجمالي حجم هذا السوق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 37 مليار دولار في 2022، ومن المتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة إلى 57 مليار دولار في عام 2026، وفقا لتقرير "التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام 2022"، الذي أطلقته منطقة «إي.زي.دبي»، المخصصة للتجارة الإلكترونية، ومع تزايد حجم هذا السوق، أصبح هناك حاجة كبيرة إلى المزيد من المستودعات اللوجستية التي تخدم هذا القطاع. 

النموذج الأمريكي

وبنظرة على السوق العالمي، وكنموذج له أمريكا، سنجد أن طفرة التجارة الإلكترونية أدت إلى تحويل مدينة نيويورك إلى عاصمة مستودعات وطنية، ففي غضون عامين فقط، استحوذت أمازون على أكثر من 50 مستودعًا في جميع أنحاء المدينة والضواحي المحيطة بها. كما تقوم UPS ببناء منشأة لوجستية أكبر من Madison Square Garden على الواجهة البحرية لنيوجيرسي بالقرب من مانهاتن.

وفي بروكلين وكوينز وبرونكس، هناك 14 مستودعًا ضخمًا للمساعدة في تسهيل عمليات التجارة الإلكترونية آخذة في الارتفاع، بما في ذلك مراكز متعددة الطوابق لم تكن موجودة سابقًا، وفقا لنيويورك تايمز. 

زيادة الطلب في دبي

أما في المنطقة العربية فقد شهد النصف الأول من العام الجاري 2023 الطلب الأعلى على الإطلاق في دبي على المساحات الصناعية واللوجستية، وفقاً لتقرير "سوق دبي الصناعي في دقائق" للنصف الأول 2023.

وأشارت شركة سفلز العالمية للخدمات العقارية،  إلى استمرار النمو منذ عام 2020، إذ شهد ارتفاعاً في الطلب على المساحات اللوجستية والصناعية، حيث كان الدافع الأساسي نقل الشركات لعملياتها إلى دبي من إمارة أخرى، متبوعاً باتجاه العديد من الشركات لتعزيز حضورها في المنطقة عبر إنشاء مراكز اقليمية في الإمارة.

وجاء قطاع التجارة الإلكترونية كأحد المحركات المهمة لرفع الطلب خلال النصف الأول من 2023، وفي الوقت ذاته، قامت الخدمات اللوجستية للتخزين والتوزيع باكتساب إقبال متزايد من بين شركات التجارة الإلكترونية.

وأصبح هذا المفهوم شائعاً للغاية في الأسواق الناشئة، وبدأنا نشهد ظهور هذا الاتجاه بدبي أيضاً، ويقوم النموذج على بناء مستودع رئيسي كبير بالقرب من البنية التحتية الرئيسية، مثل الميناء، ويلي ذلك تطوير مرفق للتوصيل عادة ما يكون أصغر حجماً، أو موقع تخزين يُطلق عليه مصطلح "المِيل الأخير".

ويرجع الاستخدام المتزايد للوحدات الأصغر حجماً والأقرب إلى المدينة في جانب منه إلى زيادة الإقبال على منصات التسليم السريع، وسيستمر قطاع التجارة الإلكترونية في قيادة الطلب على مساحات المستودعات بدبي، حيث تتطلب كل زيادة بنسبة 1% في عدد السكان لتوفير مساحة إضافية بنسبة 0.5% من المساحات المخصصة للمستودعات.

إسهامات الشركات

وأسهمت شركات الخدمات اللوجستية التابعة لجهات خارجية بدورها في رفع مستوى الطلب، ومن الشركات التي قامت بالاستحواذ على مساحات مهمة، شركة «جيه أند تي إكسبريس -J&T Express»، العملاق الإندونيسي في مجال خدمات التوصيل، والتي قامت بتعزيز عملياتها بشكل كبير في جميع أنحاء دبي، وتستأجر حالياً قرابة 161 ألف قدم مربعة من المساحة عبر مدينة دبي الصناعية والمنطقة الحرة بمطار دبي ودبي الجنوب، وتوجد لديها خطط لزيادة مساحة التخزين إلى 430 ألف قدم مربعة بحلول عام 2026.

كما كانت «أمازون» من بين الشركات الرئيسية التي استأجرت مساحات داخل المنطقة الحرة. ويسهم وجود العديد من شركات التجارة الإلكترونية، إلى جانب المبادرات التي تطلقها منطقة التجارة الإلكترونية «إي.زي.دبي - EZDubai» بدبي الجنوب، والتوريد المستمر وتطوير العديد من المشاريع السكنية حول تلك المناطق في نموها على المدى الطويل.

المستودعات في مصر

وفي مصر أعلنت أمازون مواصلة عمليات الاستثمار بزيادة السعة التخزينية لمستودعاتها فى 2023، والتى تندرج ضمن مساعي الشركة الهادفة إلى دعم قطاع التجارة الإلكترونية المتنامى فى مصر والمنظومة الكلية للشركات الصغيرة والمتوسطة فى الدولة.

وستعزز خطط التوسع المقررة سعة تخزين أمازون بنسبة 200٪ لتصل السعة إلى ما يقرب من 100 ألف متر مكعب. ستشمل شبكة الخدمات اللوجستية المتكاملة التابعة للشركة، مساحة أرضية تزيد على 56 ألف متر مربع، أى ما يعادل مساحة قدرها أكثر من 10 ملاعب لكرة القدم. 

وسيساعد هذا الاستثمار فى تلبية احتياجات المزيد من شركاء البيع على التواصل مع العملاء فى جميع أنحاء الجمهورية، وإطلاق أعمالهم وتسييرها وتنميتها وكذلك الاستفادة من الخدمات اللوجستية والأدوات والبرامج والتكنولوجيا الحديثة.

وقال عمر الصاحى، مدير عام أمازون مصر: «نعمل أيضا على تكثيف جهودنا سعيا إلى تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على النمو والنجاح، من خلال تزويدها بكافة الإمكانيات والأدوات المطلوبة فى قطاع الميل الأخير، وكذلك لشركاء البيع لدينا بهدف تعزيز حضورهم وتوسيع نطاق أعمالهم على شبكة الإنترنت».

وعلى جانب آخر أطلقت شركتا حسن علام للمرافق - الذراع الاستثمارية والتطويرية لمجموعة حسن علام القابضة، وأجيليتي - المتخصصة في التطوير الصناعي، مشروعهما المشترك «ينمو»، بغرض تطوير وبناء وتشغيل مجمعات لوجستية حديثة، ومستودعات من الفئة (أ) في مصر. 

وقالت «حسن علام للمرافق» و«أجيليتي»، في تصريح، إن مجمع ينمو إيست هو أول مجمع لوجستي مشترك لهما في مصر، وتبلغ مساحته 270 ألف متر مربع، ويقع على طريق القاهرة السويس الجديد، ويبعد 15 كيلومترا فقط عن مطار القاهرة الدولي، وعلى قرب من الطريق الدائري. 

إن تصميم مجمعات ينمو يلبي احتياجات التخزين والتوزيع للشركات في قطاعات التجارة الإلكترونية، والتصنيع، والمنتجات الاستهلاكية، والأغذية والمشروبات، والتكنولوجيا، والسيارات، والطاقة، والسلع الصناعية، والرعاية الصحية، والأدوية، وغيرها من القطاعات.

وفي العام الماضي تم توقيع اتفاق بين جوميا وحسن علام بغرض التأجير طويل المدى لأحد المخازن الكبرى التابعة لمجموعة حسن علام، لصالح شركة جوميا بمساحة تزيد عن 26 ألف متر مربع والذي يتخذ من منطقة شرق القاهرة مقراً له والمقام على مساحة 270 ألف متر مربع.

وتسعى جوميا إلى توسيع أعمالها في السوق، وتلبية احتياجات العملاء وتوصيل المنتجات لهم في أسرع وقت ممكن، مما يعمل على التخفيف على العملاء.

توجه المملكة السعودية

وفي المملكة السعودية  أعلنت الهيئة العامة للموانئ وغرفة جدة، توقيع اتفاقية لإنشاء منطقة لوجستية متكاملة في منطقة الخُمرة بمدينة جدة بقيمة استثمارية تبلغ مليار ريال (267.6 مليون دولار).

وأضاف الجانبان أن المنطقة الجديدة ستقام على مساحة ثلاثة ملايين متر مربع في المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، وذكر البيان أن المنطقة ستوفر عددا من الخدمات اللوجستية بما في ذلك المستودعات وساحات التخزين المتخصصة لتلبية احتياجات المستوردين والمُصدرين، بجانب مناطق إدارية وسكينة، ومستودعات نموذجية.