تشهد سوق التجارة الإلكترونية في مصر خلال السنوات الأخيرة تحوّلاً لافتاً، لم يقتصر هذه المرة على القاهرة والإسكندرية، بل امتد بقوة إلى محافظات الدلتا والصعيد ومدن القناة. ومع توسع خدمات الشحن والدفع الإلكتروني، ظهرت موجة جديدة من التجار ورواد الأعمال في هذه المناطق، ليصبحوا جزءاً أساسياً من نمو السوق.
طلب مرتفع خارج العاصمة
وفقاً لتقديرات شركات الشحن والتوصيل، فإن نسب الطلبات القادمة من محافظات مثل المنصورة، طنطا، الزقازيق، وأسيوط ارتفعت بنسب تتراوح بين 30% و50% خلال العامين الماضيين. ويعود هذا النمو إلى عوامل عدة أبرزها زيادة استخدام الهواتف الذكية، واعتماد التجار على منصات مثل فيسبوك وتيك توك وإنستجرام لبيع المنتجات مباشرة للعملاء.
صعود تجار السوشيال ميديا
في قرى ومراكز كثيرة، أصبح نشاط البيع عبر الإنترنت مصدر دخل رئيسي لفئات من الشباب والنساء.
تقول إحدى بائعات الملابس في محافظة الغربية إنها بدأت مشروعها عبر جروبات فيسبوك فقط، قبل أن يصل عدد طلباتها إلى عشرات الطلبات يومياً، مستفيدة من انخفاض تكلفة الإيجارات والتشغيل مقارنة بالقاهرة.
شركات الشحن… اللاعب الحاسم في المعادلة
ساهمت شركات الشحن المحلية والدولية في تغيير شكل السوق عبر تقديم خدمات توصيل سريعة إلى المحافظات، وهو ما كان يمثل عقبة كبيرة في الماضي.
شركات مثل Bosta وShipBlu وYalla Fel Sekka رفعت مستوى الخدمة، وأضافت نقطة تنافسية لصالح التجار خارج القاهرة.
لكن التحدي الأكبر ما زال في المرتجعات، إذ تشير مصادر في قطاع اللوجستيات إلى أن معدل الإرجاع في المحافظات أعلى نسبياً بسبب طبيعة الشراء عبر السوشيال ميديا وعدم وضوح المقاسات أو جودة المنتج.
الدفع الإلكتروني يقلّل الفجوة
مع توسع خدمات المحافظ الإلكترونية، ووجود شبكات دفع مثل فوري وأمان، أصبح الدفع المسبق أو الدفع عند الاستلام أسهل بكثير.
ويؤكد خبراء أن انتشار المدفوعات غير النقدية في المحافظات يساهم في تعزيز ثقة المستهلك، وبالتالي يزيد من حجم الطلب.
فرص للشركات الناشئة
يساعد النمو الكبير في الطلب خارج القاهرة على خلق فرص جديدة للشركات الناشئة في الخدمات اللوجستية، والدفع الإلكتروني، وإدارة المرتجعات، وحتى خدمات التصوير والتسويق للتجار المحليين.
كما يشير محللون إلى أن السوق في المحافظات لا يزال أقل تشبعاً مقارنة بالعاصمة، ما يجعلها فرصة جذابة للاستثمار خلال السنوات المقبلة.
تحديات لا تزال قائمة
رغم هذا التطور، إلا أن السوق يواجه بعض العقبات، أهمها:
- ضعف البنية اللوجستية في بعض المناطق البعيدة.
- ارتفاع تكلفة الشحن مقارنة بالقاهرة.
- محدودية الخبرة التقنية لدى بعض التجار الجدد.
- انتشار المنتجات غير المضمونة على بعض المنصات.
لم تعد التجارة الإلكترونية في مصر نشاطاً يتركز في العاصمة فقط، بل أصبحت المحافظات لاعباً رئيسياً في المعادلة. ومع تطور البنية التكنولوجية وخدمات الشحن والدفع، يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النمو والمنافسة، وربما ولادة شركات جديدة من قلب الدلتا والصعيد.
لا يوجد تعليقات بعد كن اول من يعلق.
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.