محاولات لضبط إيقاع التجارة الإلكترونية بتونس

تبذل تونس جهودا مكثفة من أجل تفعيل خططها بشأن ضبط إيقاع التجارة الإلكترونية من خلال قواعد تنظيمية أكثر صرامة وفي الوقت ذاته تكون مرنة وذات كفاءة، بما يخدم تطلعاتها نحو بناء أسس الاقتصاد الرقمي المنشود.

وكغيرها من الدول، ازدهرت هذه التجارة في السوق المحلية، وبشكل لافت منذ الأزمة الصحية، لاسيما على الشبكات الاجتماعية، حيث لم يكن غالبية التونسيين قبلها يثقون في إجراء عملية تجارية افتراضية، وفقا لصحيفة العرب اللندنية.

ولكن مع انتشارها السريع برزت مشاكل كثيرة أبرزها تتمثل في الجرائم الإلكترونية من غش وتحايل، وفق تقارير ودراسات أصدرتها جهات محلية، مثل منظمة الدفاع عن المستهلك، وهو أمر تقرّه السلطات رغم أن البلد لديه قوانين منظمة، فضلا عن شراكاته الدولية.

ورغم أن نطاقها توسع مع تطور أساليب الدفع والتقنيات المتقدمة، إلا أنها لا تزال تمثل جزءًا صغيرًا من التجارة التونسية، حيث لا تتجاوز 300 مليون دولار سنويًا في المتوسط، بعد تتبع المؤشرات منذ عام 2020 ولغاية 2023.

ومع ذلك أكدت وزارة تكنولوجيات الاتصال عدم وجود إحصائيات دقيقة حول هذه التجارة بالبلاد على اعتبار أن الجزء الأكبر من هذه المعاملات يتم عن طريق الدفع النقدي.

وأشار ممثلو الوزارة أثناء جلسة عقدتها لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد، إلى أن التعامل مع الشبكات الاجتماعية يتم بمقتضى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية الموقعة في 2001 والمعروفة باتفاقية بودابست.

وناقشت الجلسة مقترح قانون تم سنه في عام 2024 يتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي ستواصل النظر في هذا المقترح بالاستماع إلى ممثلين عن وزارة المالية.

وحضر الاجتماع، وفق بيان نشرته لجنة على منصة البرلمان لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة كلجنة معنية بإبداء الرأي حول هذا المقترح المعروض تبعا لتوصية مكتب المجلس.

ويتيح انضمام تونس لهذه الاتفاقية المساهمة بصفة فعالة في دعم وتنسيق الجهود الدولية في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، وتحقيق الكفاءة الكافية لحفظ حقوق الأشخاص وضحايا الجرائم السيبرانية.

ولدى الدولة قانون خاص بها في هذا المجال،على غرار المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والمرسوم عدد 17 لسنة 2023 المتعلق بالسلامة السيبرانية.

وكانت تونس سباقة في تقنين التجارة الإلكترونية من خلال إصدار قانون في عام 1998 والمتعلق بطرق البيع والإشهار التجاري تبعه قانون آخر في سنة 2000 المتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية.

ويتميز هذا المجال بالتطوّر السريع ما يتطلب ملاءمة الأطر القانونية الحالية وتحيينها مع ما تفرضه متطلبات التطورات التكنولوجية، وفق ممثلي وزارة تكنولوجيات الاتصال الذين شددوا على ضرورة تطوير كل الآليات الكفيلة لضمان التطبيق الفعلي للقوانين.

وترى الوزارة، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية، أن الحل الأمثل يكمن في تطوير آليات الدفع الإلكتروني للحد من التداول النقدي وهو التوجه العام للدولة في هذا الإطار.

وعلاوة على ذلك يجب العمل أكثر على تنظيم قطاع خدمات التوصيل كرابط بين التجار والمستهلكين بالسعي إلى إصدار كراس الشروط في الغرض، وهو ما تعمل عليه الوزارة حاليا بالتعاون مع الأطراف المتدخلة.

وفي الوقت الذي تزدهر فيه التجارة عبر الإنترنت بالبلاد وخاصة من الشبكات الاجتماعية، وتحديدا فيسبوك، تشير إحصائيات البنك المركزي إلى وجود 1199 موقعا عبر الإنترنت يعطي إمكانية الدفع الإلكتروني.

ومن بين أدوات الدفع، تلك المستخدمة عبر الهاتف المحمول، والتي أصبحت شائعة، لدى مئات الملايين من الأفراد في أسواق الشرق الأوسط والهند والصين، وفي بلدان أخرى آسيوية، وذلك على عكس تونس، حيث لم يشهد هذا النمط من الدفع انتعاشه بعد.

ويقول خبراء إنّ صناع السياسات النقدية في تونس يجب أن يعملوا بالتنسيق مع القطاع المصرفي وشركات الاتصالات ومؤسسات الدفع، التّي تمّ اعتمادها مؤخرا، لإنعاش هذا النمط من الدفع وجعله مغريا بقدر الدفع نقدا.